القانونجي... ملكية الطبقات في التشريع التونسي

ملكية الطبقات في التشريع التونسي

ملكية الطبقات في التشريع التونسي: المفهوم والإطار القانوني والتنظيمي

تُعد ملكية الطبقات من الأنظمة العقارية الحديثة نسبيًا التي فرضتها التحولات العمرانية وتزايد الطلب على السكن داخل المناطق الحضرية. وفي تونس، أقرّ المشرّع هذا النظام لتنظيم العلاقة بين المالكين المشتركين في المباني المشيدة عموديًا، وذلك من خلال نصوص قانونية تُحدّد الحقوق والواجبات وتُسهّل التصرّف في الأجزاء المشتركة والخاصة.

أولًا: تعريف ملكية الطبقات

يقصد بملكية الطبقات، وفقًا للتشريع التونسي، الملكية التي تنشأ نتيجة تقسيم مبنى إلى أجزاء مستقلة (شقق، محلات تجارية، مكاتب...) يملكها أشخاص مختلفون ملكية خاصة، في حين تبقى بعض الأجزاء مشتركة بين الجميع (مثل السلالم، الأسطح، المصاعد، الممرات...).

وقد تم تنظيم هذا النظام بموجب القانون عدد 5 لسنة 1965 المؤرخ في 12 فيفري 1965، المتعلّق بتنظيم ملكية الطبقات، مع بعض التعديلات اللاحقة، وأهمها القانون عدد 34 لسنة 1994.

ثانيًا: الأجزاء الخاصة والأجزاء المشتركة

1. الأجزاء الخاصة:

هي الوحدات التي تعود ملكيتها حصريًا لشخص طبيعي أو معنوي، ويمكن له أن يتصرف فيها بيعًا أو كراءً أو رهنًا دون الرجوع لبقية المالكين. وغالبًا ما تتمثل هذه الأجزاء في الشقق أو المحلات داخل المبنى.

2. الأجزاء المشتركة:

تتعلّق بكل ما هو مخصّص للاستعمال الجماعي من قبل جميع أو بعض المالكين، كالمداخل، الأدراج، الأسطح، الحدائق، والمصاعد. ويخضع التصرف فيها لقواعد دقيقة تفرض التضامن والمشاركة في الصيانة والتجديد حسب نسبة الملكية لكل مالك.

ثالثًا: تنظيم الملكية المشتركة

1. نظام الملكية:

ينشأ نظام الملكية المشتركة عادةً بموجب رسم عقاري يحدّد بدقة موقع كل وحدة ومساحتها ونسبتها من الأجزاء المشتركة. كما يتم إعداد نظام داخلي يضبط كيفية استعمال الأجزاء المشتركة وتوزيع الأعباء.

2. جمعية المالكون:

يتكوّن من جميع أصحاب الوحدات، وتُعدّ الهيئة العليا للتسيير. تتخذ قراراتها عبر الجلسات العامة ويُنتخب وكيل عقار أو رئيس جمعية يمثل المجموعة أمام الغير ويشرف على تنفيذ القرارات وإدارة شؤون المبنى.

رابعًا: التحديات القانونية والعملية

  • ضعف وعي بعض المالكين بحقوقهم والتزاماتهم.
  • الامتناع عن المساهمة في مصاريف الصيانة.
  • النزاعات المتكرّرة حول الاستعمال غير المشروع للأجزاء المشتركة.
  • غياب الهياكل المهنية المتخصصة في التصرّف المشترك.

خامسًا: أهمية تنظيم ملكية الطبقات

تكمن أهمية هذا النظام في:

  • ضمان حسن التصرّف في المباني المشتركة.
  • حماية حقوق المالكين والمقيمين.
  • تعزيز الاستقرار الاجتماعي داخل المجمعات السكنية.
  • تحسين جودة الحياة في البيئة الحضرية.

خاتمة

إن ملكية الطبقات تمثل ركيزة أساسية في التنظيم العمراني الحديث، خاصة في ظل تطوّر نمط البناء العمودي في المدن الكبرى. ومع تطوّر المجتمعات، أصبح من الضروري تعزيز ثقافة العيش المشترك والالتزام بالقوانين المنظّمة لملكية الطبقات، مع ضرورة مراجعة بعض النصوص القانونية وتفعيل المراقبة لضمان نجاعة التطبيق.

تعليقات