المسؤولية التقصيرية في القانون المدني التونسي

مدونة القانونجي
تلخيص محور المسؤولية التقصيرية


تُعدُّ المسؤولية التقصيرية أحد أهم المفاهيم القانونية التي تهدف إلى حماية الحقوق وردع الأفعال الضارة غير المشروعة. في القانون المدني التونسي، تُعرَّف المسؤولية التقصيرية بأنها التزام الشخص بجبر الضرر الذي تسبب فيه للغير نتيجة خطأ ارتكبه، سواء كان ذلك الخطأ عمديًا أو غير عمدي. ويقوم هذا النظام القانوني على ثلاثة أركان رئيسية: الخطأ، والضرر، وعلاقة السببية بينهما. ومن خلال دراسة المسؤولية التقصيرية، يتضح دورها في تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز مبدأ عدم الإضرار بالغير، وفقًا للقواعد العامة التي أقرها المشرّع التونسي في مجلة الالتزامات والعقود.

لذلك سوف نشارككم اليوم تلخيص وجيز لمحور "المسؤولية التقصيرية في القانون المدني" 


1. تعريف المسؤولية التقصيرية :

المسؤولية التقصيرية (أو المسؤولية عن الفعل الضار) هي التزام الشخص بتعويض الضرر الذي يلحق بالغير نتيجة خطأ يرتكبه دون أن يكون هناك عقد يربطه بالمضرور. وتعتبر المسؤولية التقصيرية أحد أهم أقسام المسؤولية المدنية إلى جانب المسؤولية العقدية.


2. أركان المسؤولية التقصيرية

تتكون المسؤولية التقصيرية من ثلاثة أركان رئيسية يجب توافرها حتى يمكن إلزام الشخص بالتعويض، وهي:


أ. الخطأ

الخطأ هو كل فعل غير مشروع يصدر عن شخص ويمثل إخلالًا بواجب قانوني، سواء كان عمديًا أو ناتجًا عن الإهمال أو التهاون. ويتخذ الخطأ عدة صور منها:

  • الخطأ العمدي: كأن يقوم شخص بضرب آخر أو إتلاف ممتلكاته عن قصد.
  • الخطأ غير العمدي (الإهمال والتقصير): كأن يقود شخص مركبته بسرعة جنونية مما يؤدي إلى وقوع حادث.


ب. الضرر :

حتى تنشأ المسؤولية التقصيرية، يجب أن يكون هناك ضرر أصاب المضرور. والضرر قد يكون:

  • ضررًا ماديًا: مثل خسارة مالية، تلف ممتلكات، أو خسارة فرصة عمل.
  • ضررًا معنويًا: مثل الأذى النفسي، الإهانة، أو التشهير.


ج. العلاقة السببية بين الخطأ والضرر

يجب أن يكون هناك علاقة سببية بين الفعل الضار والضرر الذي لحق بالمضرور، أي أن يكون الضرر قد نشأ كنتيجة مباشرة للخطأ المرتكب. فإذا كان الضرر قد وقع بسبب سبب آخر غير الفعل الضار، فإن المسؤولية لا تقوم.


3. أنواع المسؤولية التقصيرية

أ. المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي

وهي التي تقوم على أساس أن الشخص يتحمل مسؤولية الأضرار التي تسبب فيها نتيجة أفعاله الشخصية، كما هو الحال في حوادث السير أو الاعتداءات الجسدية.

ب. المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير

في بعض الحالات، يتحمل الشخص مسؤولية أفعال غيره، مثل:

  1. مسؤولية الوالدين عن أفعال أبنائهم القصر.
  2. مسؤولية صاحب العمل عن أفعال العمال أثناء تأدية وظائفهم.
  3. مسؤولية المعلم عن أفعال تلاميذه أثناء وجودهم تحت إشرافه.

ج. المسؤولية التقصيرية عن الأشياء

يتحمل الشخص في بعض الحالات مسؤولية الضرر الناشئ عن أشياء مملوكة له أو تحت حراسته، مثل:

  • مسؤولية مالك الحيوان عن الأضرار التي يتسبب فيها الحيوان.
  • مسؤولية حارس البناء عن انهيار مبنى يملكه.
  • مسؤولية مالك السيارة عن الحوادث الناجمة عن استخدامها.


4. الجزاء المترتب على المسؤولية التقصيرية

الجزاء الأساسي للمسؤولية التقصيرية هو التعويض، والذي يهدف إلى جبر الضرر وإعادة المتضرر إلى الوضع الذي كان عليه قبل وقوع الضرر. ويمكن أن يكون التعويض:

تعويضًا نقديًا: حيث يلتزم المتسبب في الضرر بدفع مبلغ مالي للمضرور.

تعويضًا عينيًا: مثل إلزام الفاعل بإصلاح الضرر، كإصلاح سيارة متضررة.


5. الفرق بين المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقدية

المعيار

  • المسؤولية التقصيرية
  • المسؤولية العقدية

المصدر

  • الخطأ غير الناجم عن عقد
  • الإخلال بأحد التزامات العقد

الإثبات

  • يتعين على المضرور إثبات الخطأ
  • يكون المدين مسؤولًا بمجرد الإخلال بالعقد

نطاق التعويض

  • يشمل جميع الأضرار المباشرة وغير المباشرة
  • يشمل الأضرار المتوقعة وقت التعاقد


تعد المسؤولية التقصيرية من أهم القواعد القانونية التي تهدف إلى تحقيق العدالة وحماية حقوق الأفراد من الأضرار التي قد تلحق بهم جراء أفعال الغير. ويعد التعويض أداة أساسية لتحقيق هذه الحماية من خلال إعادة التوازن بين الطرفين. لذا، يجب على الأفراد توخي الحذر في تصرفاتهم لتجنب الوقوع تحت طائلة المسؤولية القانونية.

تعليقات