![]() |
القسمة الرضائية في القانون التونسي |
تُعتبر "القسمة الرضائية" واحدة من الوسائل القانونية الفعّالة التي تمكّن الشركاء في ملكية مشتركة من تقسيم العقار أو المنقول دون الحاجة إلى اللجوء للقضاء. يُطلق عليها "الرضائية" لأنها تتم بناءً على اتفاق جميع الشركاء، ما يجنّبهم الدخول في تعقيدات الإجراءات القضائية ويختصر الوقت والجهد.
مفهوم القسمة الرضائية
"القسمة الرضائية" هي اتفاق بين جميع الشركاء في الملكية المشتركة على تقسيم المال المشترك بطريقة مرضية لجميع الأطراف. هذه القسمة تقوم على مبدأ التراضي بين الشركاء، حيث يتم تقسيم الملكية وفقًا لرغباتهم وتحديد حصص كل واحد منهم بناءً على الاتفاق.
هذا النوع من القسمة لا يحتاج إلى تدخل قضائي إلا في حالة توثيقه لدى السلطات المختصة لضمان استقرار المعاملات وحفظ الحقوق.
شروط القسمة الرضائية
لكي تكون القسمة الرضائية صحيحة وقانونية في تونس، يجب توفر مجموعة من الشروط:
1. اتفاق الأطراف : يجب أن يتم التوافق بين جميع الشركاء على تقسيم المال المشترك دون استثناء. أي نزاع بين الشركاء قد يحوّل القسمة من رضائية إلى قضائية.
2. تحديد الحصص بوضوح : يجب أن يتم تقسيم المال المشترك بطريقة واضحة ومنصفة بحيث يعرف كل شريك حصته بدقة.
3. الإشهاد على القسمة : في حال كانت القسمة تخص عقارًا أو مالًا ذا قيمة كبيرة، يجب أن تتم أمام عدل إشهاد أو توثيقها في سجل العقارات لضمان حماية الحقوق.
4. عدم الإضرار بأحد الشركاء : يجب أن تكون القسمة عادلة وألا تلحق ضررًا بأحد الشركاء سواء كان الضرر ماديًا أو قانونيًا.
إجراءات القسمة الرضائية
تتم القسمة الرضائية بشكل بسيط نسبيًا مقارنة بالقسمة القضائية. تشمل الإجراءات الرئيسية:
1. التفاوض بين الشركاء : يجتمع الشركاء لتحديد كيفية تقسيم الملكية المشتركة. يجب أن يكون الحوار بنّاء ويهدف إلى الوصول إلى اتفاق يرضي الجميع.
2. تحديد الحصص : بعد الاتفاق، يتم تحديد حصص كل شريك. يمكن أن تكون هذه الحصص عينية (جزء من العقار أو الشيء نفسه) أو قيمية (نقدية في حال بيع الشيء وتقسيم ثمنه).
3. التوثيق : من الأفضل توثيق القسمة لحفظ حقوق الجميع. في حال كانت الملكية تتعلق بعقار، يتم تسجيل القسمة في السجل العقاري.
مميزات القسمة الرضائية
تتميز القسمة الرضائية بعدة مزايا تجعلها مفضلة لدى العديد من الشركاء:
1. سرعة الإجراءات : بما أن القسمة تتم بالاتفاق، فإنها تكون أسرع بكثير مقارنة بالقسمة القضائية التي قد تستغرق وقتًا طويلًا في المحاكم.
2. توفير النفقات : تجنب الأطراف تكاليف الإجراءات القضائية وأتعاب المحامين، ما يجعلها أقل تكلفة.
3. تجنب النزاعات : القسمة الرضائية تتم بالتراضي، ما يقلل من حدوث النزاعات بين الشركاء في المستقبل ويعزز روح التعاون.
4. مرونة التقسيم : الأطراف أحرار في تحديد كيفية تقسيم المال المشترك وفقًا لاحتياجاتهم الخاصة، دون الالتزام بالطرق القانونية الصارمة التي تفرضها القسمة القضائية.
القسمة الرضائية في القانون التونسي
ينظم القانون التونسي القسمة الرضائية من خلال القواعد العامة للشيوع والملكية المشتركة، إذ تنص التشريعات على احترام حرية الأطراف في الاتفاق حول كيفية تقسيم الأموال المشتركة طالما يتم احترام القواعد الأساسية للعدالة وعدم الإضرار.
"المجلة المدنية التونسية"، التي تعد المرجع الأساسي في هذا المجال، تتناول مسألة القسمة وتضع إطارًا قانونيًا يضمن حماية حقوق الشركاء، سواء في حالة القسمة العينية أو القسمة النقدية.
الحالات التي تستدعي توثيق القسمة
في بعض الحالات، يستوجب القانون التونسي توثيق القسمة الرضائية، خاصة إذا كانت الملكية تخص عقارًا أو مالًا ذا قيمة عالية. توثيق القسمة يضمن استقرار حقوق الملكية ويحمي الشركاء من أي نزاعات مستقبلية.
خاتمة
تُعد "القسمة الرضائية" من الحلول القانونية المرنة التي تسهل على الشركاء إنهاء حالة الشيوع في الملكية المشتركة بطريقة سريعة وفعّالة. باتباع القواعد القانونية واحترام حقوق جميع الأطراف، يمكن للشركاء تقسيم الملكية بشكل عادل يُجنبهم الدخول في إجراءات قضائية معقدة ويحفظ حقوقهم بشكل دائم.